من يقرأ التاريخ سوف يدرك جيدا أن مصر دولة لا تعتدي على أحد، وفي الوقت نفسه تعرف كيف ترد بقوة على كل من يحاول النيل من سيادتها، أو يتجرأ على التفكير في أخذ حق من حقوقها، نحن دولة مسالمة، لكننا نرفض الاستسلام في أي وقت وتحت أي ضغط، ولدينا قيادة سياسية واعية تدير الأمور بحكمة واقتدار في الأزمات الشديدة.
أقول هذا الكلام بمناسبة تصريحات رئيس وزراء أثيوبيا المستفزة عن المرحلة الخامسة من ملء سد النهضة، وحجز كمية من مياه النيل الأزرق هذا العام واستكمال بناء الهيكل الخرساني للسد الإثيوبي وفق قوله.
يحاول آبي أحمد علي رئيس وزراء أثيوبيا استغلال الوضع الملتهب في الشرق الأوسط، لإنجاز ما يسعى إليه، وهي السياسة الحمقاء التي يستمر في تنفيذها، ضاربا عرض الحائط بالمواثيق الدولية، وهو ما رفضته مصر جملة وتفصيلا من خلال خطاب وزير الخارجية بدر عبد العاطي اليوم الأحد، وهو الخطاب الموجه إلى رئيس مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة.
رفضت مصر في خطابها بشكل قاطع السياسات الأحادية الإثيوبية المخالفة لقواعد ومبادئ القانون الدولي، والتي تُشكل خرقاً صريحاً لاتفاق إعلان المبادئ الموقع بين مصر والسودان وإثيوبيا في عام 2015، وقالت نصا إن تصريحات رئيس الوزراء الأثيوبي إنها تعد “غير مقبولة جملة وتفصيلاً للدولة المصرية، وتمثل استمراراً للنهج الإثيوبي المثير للقلاقل مع جيرانها والمهدد لاستقرار الإقليم”.
كما أكدت مصر في خطابها الصارم لمجلس الأمن، على أن “السياسات الإثيوبية غير القانونية ستكون لها آثارها السلبية الخطيرة على دولتي المصب مصر والسودان، وبالرغم من أن ارتفاع مستوى فيضان النيل في السنوات الأخيرة فإن مصر تظل متابعة عن كثب للتطورات ومستعدة لاتخاذ كل التدابير والخطوات المكفولة بموجب ميثاق الأمم المتحدة للدفاع عن وجودها ومقدرات شعبها”.
تحذيرات مصر لأثيوبيا واضحة للكل، بعد أن رمت الكرة في الملعب الأثيوبي، وعلى آبي أحمد أن يتراجع فورا عن تصريحاته، ويعود إلى رشده قبل فوات الأوان، لأن مصر لن تسمح له أبدا باستكمال ما بدأه، وإذا كانت قد صبرت عليه كل هذا الوقت، فلن تصبر طيلة الوقت.
وعلى الأمم المتحدة أبضا أن تتدخل قبل فوات الأوان، قبل أن تندم أثيوبيا على تصرفات رئيس الوزراء الطائشة، لا سيما أن مصر أوضحت في خطابها أنه ” بعد 13 عاماً من التفاوض بنوايا مصرية صادقة، جاء بعدما وضح للجميع أن أديس أبابا ترغب فقط في استمرار وجود غطاء تفاوضي لأمد غير منظور بغرض تكريس الأمر الواقع، دون وجود إرادة سياسية لديها للتوصل لحل”
وأشارت مصر في خطابها إلى سعي أثيوبيا إلى “إضفاء الشرعية على سياساتها الأحادية المناقضة للقانون الدولي، والتستر خلف ادعاءات لا أساس لها أن تلك السياسات تنطلق من حق الشعوب في التنمية، مُشدداً على أن مصر لطالما كانت في طليعة الدول الداعمة للتنمية بدول حوض النيل، وأن التنمية تتحقق للجميع في حالة الالتزام بالممارسات التعاونية المنعكسة في القانون الدولي وعدم الإضرار بالغير وتعزيز الترابط الإقليمي”
إن مصر لا تمانع أبدا في تنمية جيرانها من دول حوض النيل، لكنها لن تقبل أبدا بالمساس في حقوقها، ومن يعتقد غير ذلك فهو يلعب بالنار.
خطاب مصر للأمم المتحدة قوي وحاسم ، وررسالة يجب أن تقرأها أديس أبابا جيدا، حتى لا تجر المنطقة إلى نقطة صراع جيدة.
وفق الله رئيسنا الشجاع عبد الفتاح السيسي وحما الله جيشنا العظيم.