شارك الدكتور خالد عبد الغفار، نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان المصري،اليوم الثلاثاء ، في فعاليات الدورة الحادية والسبعين للجنة الإقليمية لمنظمة الصحة العالمية لإقليم شرق المتوسط، التي أقيمت تحت شعار “صحة دون حدود” بدولة قطر الشقيقة.
وفي مستهل كلمته، أعرب الوزير عن خالص شكره لدولة قطر على استضافة هذا الحدث الهام، مشيرًا إلى الأهمية البالغة التي تكتسبها مناقشات هذه الدورة في ظل التحديات الصحية التي تواجه الإقليم، خاصة في ظل الصراعات الجارية التي تلقي بظلالها على كافة الأنظمة الصحية بإقليم شرق المتوسط.
وقال إن أحد أكبر التحديات التي تواجه صياغة السياسة الصحية في إقليم شرق المتوسط هو التنوع الهائل الذي تتسم به منطقتنا، فنحن نواجه تفاوتات كبيرة في الدخل والظروف الاجتماعية والقدرة على الوصول إلى التكنولوجيا، وهو ما يؤدي بدوره إلى تفاوتات كبيرة في الصحة داخل بلداننا وفيما بينها، موضحًا أن أي حل أو سياسة واحدة لا يمكنها تلبية الاحتياجات الفريدة لكل دولة على نحو فعال، لذا يجب علينا أن نعتبر هذا التنوع سمة مميزة لمنطقتنا ونستفيد منه لصالحنا، من خلال الاستفادة من أفضل الممارسات والإمكانات التي تتمتع بها كل دولة.
وأكد نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان، أن الالتزام السياسي بالتغطية الصحية الشاملة، إلى جانب الاستثمار في أنظمة صحية قوية، يمثلان عنصرين رئيسيين لتحقيق الاستقرار والأمن والازدهار في المنطقة على المدى الطويل، وفي هذا السياق، تُرحب جمهورية مصر العربية بجولة الاستثمار الجديدة التي أطلقتها منظمة الصحة العالمية، والتي ستساعدنا بلا شك في تعبئة الموارد اللازمة والمرنة لتنفيذ برنامج العمل العام الرابع عشر خلال السنوات الأربع المقبلة.
وانطلاقًا من اعتراف رؤية “الصحة بلا حدود” بأن حالات الطوارئ الصحية تمثل مجال قوة حاسمًا لمنطقة شرق المتوسط، أشار إلى أن خبرتنا الواسعة ومهاراتنا المتخصصة، توفر لنا وضعًا فريدًا لإحداث تأثير إيجابي كبير في هذه المنطقة وخارجها. فمن خلال الاستفادة من معرفتنا، يمكننا أن نكون مثالًا قويًا للمجتمع الدولي.
كما نشارك بفاعلية في المفاوضات الجارية في هيئة التفاوض الحكومية الدولية بشأن معاهدة الوباء، ونحث جميع الدول الأعضاء على المشاركة الفعالة في هذه المفاوضات لتسريع إبرامها بحلول نهاية هذا العام، حيث إن وجود إطار دولي ملزم قانونًا يُعد ضروريًا للاستجابة المنسقة لحالات الطوارئ الصحية المستقبلية، فضلًا عن التزام مصر بمشاركة أفضل الممارسات والتعاون مع الشركاء الإقليميين لتعزيز قدرتنا الجماعية على الاستجابة للطوارئ الصحية.
أما النقطة الثانية، فهي مقاومة مضادات الميكروبات (AMR)، والتي تعد جائحة صامتة تتطلب نهجًا شاملاً ومتعدد القطاعات يدمج صحة الإنسان والحيوان والنبات، بالإضافة إلى الاعتبارات البيئية. ولقد أدركت مصر خطورة هذه الأزمة واستجابت لها بكل من الالتزام والعمل، لافتًا إلى أن مصر لديها اليوم 60 مستشفى نموذجيًا تشارك في برنامج مقاومة مضادات الميكروبات، وتستعد العديد من المستشفيات للحصول على الاعتماد الدولي من الجمعية البريطانية للعلاج الكيميائي المضاد للميكروبات (BSAC)، مع توقع تحقيق هذا الاعتماد بحلول نهاية العام.
كما تطرق في كلمته إلى نهج الصحة الواحدة، مشيرًا إلى أن تعزيز الصحة أمر حيوي لمعالجة التحديات المترابطة التي تواجه أنظمتنا الصحية، لافتًا إلى اتخاذ وزارة الصحة المصرية خطوات هائلة لتحسين صحة ورفاهية شعبنا من خلال إطلاق الاستراتيجية الوطنية للصحة الواحدة، حيث تجسد هذه المبادرة إطارًا تعاونيًا متعدد القطاعات يدمج صحة الإنسان والحيوان والبيئة، مع التركيز على تحويل المرافق الصحية إلى مراكز صحية خضراء، ومن خلال التنفيذ الكامل لهذا النهج، يمكن لجميع الدول تعزيز قدراتها بشكل كبير على رصد هذه التحديات المعقدة والوقاية منها والاستجابة لها، مما يمهد الطريق في نهاية المطاف لمستقبل أكثر صحة للجميع.
كما تطرق أيضًا إلى “تغير المناخ” الذي يشكل تحديات صحية عامة ملحة تتطلب اهتمامًا فوريًا، ومع تقدمنا في مبادرات الصحة الواحدة، قمنا بدمج استراتيجيات التكيف مع المناخ في أنظمتنا الصحية، ومن خلال الاستثمار في الممارسات المستدامة وتعزيز الإدارة البيئية، يمكن لنا جميعًا حماية صحتنا وصحة الأجيال القادمة مع التصدي لآثار تغير المناخ.
وفي هذا السياق، حققت مصر تقدمًا ملحوظًا في التصدي للأمراض غير السارية، تُوجت بحصولنا منذ أيام على “جائزة فريق العمل المشترك التابع للأمم المتحدة للوقاية من الأمراض غير السارية ومكافحتها لعام 2024” التي تم الإعلان عنها خلال الدورة التاسعة والسبعين للجمعية العامة للأمم المتحدة، في لفتة كريمة من المديرة الإقليمية.
علاوة على ذلك، تفخر مصر برعاية مشروع قرار جمعية الصحة العالمية المُقبل بشأن “الأمراض النادرة”، بالتعاون مع إسبانيا وبرعاية مشتركة من قطر وماليزيا وفرنسا وبنما وتشيلي، وتمثل هذه المبادرة خطوة هامة نحو تعزيز الاستجابة العالمية لهذا المجال من الرعاية الصحية الذي غالبًا ما يتم تجاهله. ونعرب عن امتناننا لدولة قطر على دعمها لمشروع القرار هذا، وندعو جميع الدول الأعضاء للانضمام إلينا في رعاية هذه المبادرة الهامة.
كما سلط الضوء في كلمته على انضمام مصر والمملكة العربية السعودية الشقيقة مؤخرًا إلى الوكالة الدولية لأبحاث السرطان، ويأتي هذا الإنجاز بعد سنوات من الجهود الدؤوبة في تعزيز مبادرات الكشف المبكر عن السرطان والوقاية منه، ويُمثل الانضمام إلى الوكالة الدولية لأبحاث السرطان علامة فارقة في التزامنا بتعزيز التعاون الدولي في مكافحة السرطان وتنمية الأبحاث المتعلقة به.
ومع اقترابنا من عالم خالٍ من شلل الأطفال، تمكنت مصر من رفع معدل التمنيع ضد شلل الأطفال إلى 96.5% في عام 2022، ونفذت العديد من حملات التطعيم الموسعة ضد شلل الأطفال، مما ساهم في الحفاظ على مصر خالية من شلل الأطفال منذ عام 2006، موجها الشكر في هذا الصدد للمكتب الإقليمي لشرق المتوسط على جهوده الهائلة ودعمه في هذا المجال.
تابع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الصحة والسكان في كلمته ، أنه في إطار استراتيجية مصر للتحول الرقمي وميكنة الخدمات الصحية، حققت وزارة الصحة خطوات متقدمة نحو رقمنة المنظومة الصحية. شملت هذه الخطوات تطوير تطبيقات الصحة عبر الهواتف المحمولة والتطبيب عن بُعد، مما أسهم في تحسين جودة خدمات الرعاية الصحية، خصوصًا في المناطق النائية. وقد ساعدت الحلول التكنولوجية في العلاج على تقليل عناء السفر للمرضى في هذه المناطق إلى المستشفيات الكبرى.
كما نجحت مصر في الآونة الأخيرة في التوسع في العديد من المشروعات القومية الجديدة التي تهدف إلى تعزيز وتقوية البنية التحتية اللازمة لإرساء منظومة التأمين الصحي الشامل ، حيث يسعى هذا الجهد لدعم قيم الإنصاف والمساواة في وصول خدمات الرعاية الصحية والعلاجية لكافة المستحقين، كجزء أصيل من تحقيق خطة التنمية المستدامة (رؤية مصر 2030).
وقال إنه منذ بضعة أيام، اعتمدنا الإعلان الوزاري الرابع عشر لوزراء صحة دول مجموعة البريكس تحت رئاسة الاتحاد الروسي، والذي تضمن عددًا من المبادرات المصممة لدعم الدول الأعضاء في مجموعة البريكس، بالإضافة إلى الدول ذات الدخل المنخفض والمتوسط في مجالات هامة مثل مكافحة مقاومة مضادات الميكروبات، وتعزيز الصحة العامة، وإنشاء نظام إنذار مبكر شامل للوقاية من تفشي الأمراض السارية، فضلاً عن تعزيز أبحاث السل والبحث والتطوير في مجال اللقاحات.
ودعا الدكتور خالد عبد الغفار نائب رئيس مجلس الوزراء للتنمية البشرية وزير الصحة والسكان، جميع دول إقليم شرق المتوسط للمشاركة في المؤتمر العالمي حول السكان والصحة والتنمية البشرية في نسخته الثانية، والذي سيعقد في الفترة من 20 إلى 25 أكتوبر في القاهرة، تحت رعاية فخامة الرئيس عبدالفتاح السيسي.